الفيديرالية والوني-بروكسيل من بلجيكا
غنى وتنوع الكتاب
إختار صالون الجزائر الدولي للكتاب بلجيكا لتكون ضيف شرف الطبعة الثامنة عشر. يمثّل الكتاب والنشر في هذا البلد قطاعا ذا تجربة غنيّة وينتجُ رغم الصعوبات التي يعرفها الآن، حركيّة اقتصادية وثقافية مُعتبرة.
تضمّ بلجيكا التي تعتمد النظام الفدرالي، حوالي إحدى عشر مليون نسمة، تصل نسبة المتعلّمين بينهم إلى 99 % ولها ثلاث لغات رسمية : النيورلندية، الفرنسية والألمانية. سمحت دراسة سنة 2007 حول الجزء الناطق بالفرنسية من البلد بتحديد متوسط قراءة سنوي قُدّر بسبع كتب للفرد الواحد. 10% من الأفراد الذين شملتهم الدراسة يقرؤون من 10 إلى 20 كتابا سنويا و 6% يصل معدّل قراءتهم إلى 50 كتابا في السنة. ومثل ما هو الحال عليه في الكثير من الدول فإنّ النساء يقرأن أكثر من الرجال. دراسة مماثلة على الجانب الفلندري كشفت أنّ 60% ممن تزيد أعمارهم عن خمسة عشر سنة قد قرؤوا كتابا أو شريطا مصورا خلال الأشهر الستة الأخيرة وأن متوسط الإنفاق السنوي المخصص للكتب هو 27 أورو سنويا.
في فالونيا، ضمّت، سنة 2011، جمعية الناشرين البلجيكيين 67 عضوا، حققوا رقم أعمال يقارب 240 مليون أورو ( بزيادة تقدّر بـ 1.1% عن العام السابق 2010). وقد بلغ سنة 2011 الإنتاج بكلّ اللغات، بالنسبة لأعضاء جمعية الناشرين البلجيكيين، 10.500 عنوانا منها 4098 عنوانا جديدا. الفئات النشرية التي تنتج أكثر العناوين الجديدة هي الأدب العام، الموسوعات والقواميس وكتب الصور (100% لكل واحدة)، الكتب العملية و شبه المدرسية (86.9%) والعلوم الإنسانية (64.3%).
في فلوندر، الناشرون المدرسيون هم، تقليديا، الأكثر أهميّة حيث نجد هناك فروعا لدور نشر نيورلندية. حقّق القطاع الفلندري، سنة 2011، 211 مليون أورو كرقم أعمال لبيع أكثر من ستة عشر مليون كتاب، دون حساب الكتب التربوية والعلمية. من بين الإنتاج العام باللغة النيورلندية مع إحتساب إنتاج هولندا – أي أكثر من 28000 عنوان سنة 2009-، تنشرُ دور النشر في فلوندر 3000 عنوانا جديدا سنويا.
تجد الإشارة أيضا إلى أنّ نتائج المبيعات هذه تمسّ كذلك الكتاب المستورد: 69.4% بالنسبة للسوق الموجّهة للناطقين باللغة الفرنسية و 60% بالنسبة للسوق النيورلندي. في حين أنّ النشر البلجيكي قد عرف بين 2010 و 2011 إرتفاعا لصادراته بنسبة 2.7%، وذلك بـمبيعات قدرها 25500 نسخة بيعت بقيمة 109.7 مليون أورو (أعضاء جمعية الناشرين البلجيكيين فقط).
تُقسّم لغات النشر في بلجيكا إلى 65% من المنشورات باللغة الفرنسية و 32% بالنيورلندية و 2% بلغات أخرى.
تمثّل ألبومات الشريط المصوّر والكتب المدرسية والعلوم الإنسانية أكثر من نصف رقم أعمال النشر البلجيكي. وتمثل الأهمية الملفتة للفن التاسع، خاصيّة بلجيكا، استمرارا للتقليد الفني الذي بُني على مؤلفين عالميين، نذكر بشكل خاص هيرجي مبدع «تان تان».
إنّ بثّ الكتاب خارج الأسواق يعتمد على شبكة متنوّعة من مكتبات القراءة. إنّ القراءة العمومية هي أحد مكتسبات الكتاب في بلجيكا. سنة 2004، كان لفالونيا ما لا يقل عن 544 مكتبة للقراءة من بينها 533 ثابتة و 7 متجوّلة و 4 تُدعى خاصّة، تُشكّل شبكة القراءة العمومية باللغة الفرنسية. وقد وصل عدد مرتادي مكتبات القراءة، سنة 2007، إلى 480050 فردا. إنّ انتشار القراءة العمومية عبر التراب قد سمح لأكثر من 80% من سكّان فالونيا وبروكسل بالحصول على مكتبة قراءة جوارية حيث يتجاوز إنفاق المكتبات الإجمالي في هذه المنطقة اللغوية 61 مليون أورو.
وصل عدد المكتبات، في فلوندر، إلى 426 مكتبة سنة 2009 بمعدّل زيارات مكافئ لـ 25% من عدد السكان الإجمالي و قد سجّلت، في نفس السنة، 44 مليون إعارة.
يلعب هذا القطاع المكتبي دورا أساسيا في نمو الكتاب في بلجيكا. وعبر عملية التنمية التربوية يشجّع هذا القطاع الممارسة العامّة للقراءة وعن طريق طلباته يؤثّر في الإنتاج النشري.
إنّ بثّ الكتاب عبر السوق قد عرف تنوعا من جهة الشبكات. فقد أصبح لدينا بجانب المكتبات المستقلّة، سلاسل من المكتبات (خاصةً Stadaard Boekhandel و FNAC و Club)، صفوف «الكتب» في المساحات الكبيرة، نقاط بيع متنوعة (محطّات البنزين ...) التي يجب أن يضاف إليها البيع المباشر. سنة 2008، نسجّل أنّ المكتبات المستقلّة لم تعد تمثّل أكثر من 35.5% من رقم الأعمال (الكتب باللغة الفرنسية فقط)، متقدّمة بنسبة قليلة عن سلاسل المكتبات (20.4%) والمساحات الكبيرة غير المتخصصة (20.2%). في فلوندر، تُظهر المكتبات المستقلّة مقاوَمة أكبر حيث تسيّر سنة 2009 قرابة 85% من رقم الأعمال، مقابل 10.1% فقط لصالح سلاسل المكتبات.
ولكن خسارة كبيرة للقطاع قد تأكّدت في السنوات اللاحقة فقد خسرت بين سنوات 2005 و 2012 مجموع الشبكات (المستقلّة وأخرى) 347 نقطة بيع (الفرق بين الفتح والإغلاق). حيث تظهر الشبكة التقليدية للمكتبات المستقلّة المهددة الأكبر.
يتمّ دعم الكتاب، في بلجيكا، بطرق عديدة. فالكتب الورقية تستفيد من نسبة مخفّضة (6%)من الضريبة على القيمة المضافة. كما أنّ نُظم المساعدة تتركز على مستوى التجمعات. لفالونيا، على سبيل المثال، منذ 1984 صندوق دعم لترقية الآداب والكتب مخصص للنشر وللمكتبات. يقسّم هذا الصندوق إلى : دعم للترقية والنشر الأدبيين (جمعيات أدبية، مجلات أدبية ومترجمون)، مساعدة على النشر (قرض دون فائدة)، مساعدة على الإبداع و الترجمة الأدبية، إقتناء كتب لمؤلفين بلجيكيين لصالح مراكز أدبية بلجيكية في الخارج و نشاطات مصلحة ترقية الآداب (صالونات في الخارج ...)، ترقية الكتاب (معارض الكتب، جمعيات مهنية، بنوك الكتب، مساعدات لصالح المكتبات ...) إلخ ...
من جهته، يمنح الصندوق الفلندري للآداب (Vlaams Fonds voor de Letteren) مساعدة مالية للكتّاب و المترجمين و الناشرين والمكتبيين، وقد رُصدت له ميزانية قدرها 3.8 مليون أورو سنة 2011.
فيما يخصّ التظاهرات فإنّ أهمّها على الجانب الناطق بالفرنسية هو معرض بروكسل الدولي للكتاب الذي ينعقد كل سنة بين شهري فيفري ومارس، وعلى الجانب الناطق بالنيورلندية فهو معرض آنفرز-بويكنبورز فوور فلانديرن الدولي للكتاب بأنتقيربن الذي ينعقد بين شهري ماي وجوان.
لبلجيكا كُتاب من الصفّ الأوّل. ولكنّها تنشر خارج الأدب لعدد مهم من المؤلفين الذين ينتجون دراسات مُلفتة أو كتيبات في اختصاصات علمية وتقنية مختلفة، كما في الحقوق وعلم الاجتماع...إلخ
إنّ النشر البلجيكي يعكس تماما الثراء الثقافي والعلمي لهذا البلد و تنوّعه اللغوي.